عني هذا البحث بتتبع بواعث الالتزام بالأخلاق كتأصيل فكري وعملي للتجربة العمانية المستمرة، فكان التمهيد لبيان المفاهيم، والمبحث الأول لتحسس البواعث الفكرية لظاهرة الالتزام بالأخلاق في المدرسة العمانية، ثم الثاني للتعرض لقضايا معاصرة تنزلت فيها أخلاق العمانيين. وقد خلص الأول إلى أن الالتزام بالأخلاق عند العمانيين ينم عن بواعث فكرية قوية، أهمها الفكر العقدي الإباضي المستند إلى محكمات القرآن كوجوب ربط الإيمان بالعمل، وكالخلود المؤبد للميت على كبيرة، وعدم اعتقاد الشفاعة له، وعدم الترحم عليه إن مات كذلك، والتركيز على مبدأ الولاية والبراءة في الكتابات العمانية، والتأكيد على التوبة والإصلاح قبل الموت واحترام المخالف عموما في الخطاب العماني ونبذ التطرف الموصل إلى قتل المخالف فكر الإباضية؛ لأن أصل الإيمان والتعايش موجود، بالإضافة إلى إعطاء القسط الوافر لمبحث الحاكم ومناصحته ومحاسبته، وكل ما يتعلق بطاعته لربه في نفسه وفي رعيته. ثم نتج عن الثاني: أن الالتزام بالأخلاق تنزل في قضايا متنوعة، منها: اعتدال الخطاب الدعوي؛ فلا استهزاء بالمخالف في الفكر، مع نبذ التطرف في السلوك بدليل ظاهرة تعايش غير العماني في المجتمع
...
