بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على أفضل خلق الله، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.. يتناول هذا البحث المِنَّة مبيناً فيه تعريفها، وأنواعها، وحكم كل نوع منها، وأثرها الكبير على القواعد الأصولية والأحكام الشرعية، والحالات التي لا أثر للمنة في الحكم الشرعي. فقد عرف العلماء المنة بأنها: تعداد النعمة على الآخذ؛ وهي إما صادرة من المولى -عز وجل- لعباده، وامتنان الله على عباده بجمل مِن النعم، دليل على تفضله وتكرمه على البشر، وهي متمثلة في بعث الرسل والهداية للإسلام، وإباحة أنواع من الطيبات. كما تكون المنة صادرة مِن الإنسان على سبيل الاحتقار والتكبر فهي مذمومة مِن قبل الشارع، حيث عدَّها من الكبائر، كما ذكر الفقهاء أنها إذا قارنتْ العمل الصالح من صدقة وهدية وهبة أبطلت ثوابه وحرمته الأجر. ولما كان للمنة أثر في استنباط الحكم الشرعي تطرق إليها الأصوليون في قواعدهم الأصولية؛ فنجد أن الأصل في الأمر إذا تجرد عن القرائن يفيد الوجوب، والقرائن الصارفة - أي التي تصرف الأمر عن الوجوب - كثيرة، منها: الامتنان، كالأمر في قوله تعالى: [[ وكلوا مما رزقكم الله حللاً طيباً ]]« [المائدة:88] فالأمر في قوله (وكلوا) يدل على الإباحة؛ لأنه جاء على صفة الامتنان. كما تناول الأصوليون المِنَّة في باب مفهوم المخالفة، فمن قال بمفهوم المخالفة، ذكر مواضع لا يؤخذ بها في مفهوم المخالفة، ومنها: إذا كان تخصيص المنطوق لأجل الامتنان. أما أثر المنة من الناحية الفقهية: فقد رتب الفقهاء على المِنَّة أحكاماً شرعية بسبب وجودها مثل: عدم جوب ستر العورة في الصلاة، وعدم وجوب الوضوء، وسقوط وجوب الحج، وغيرها من المسائل، فإذا اقترن معها مِنَّة في إعطاء الساتر للعورة، أو الماء للوضوء، أو الدابة للحج عليها، لم يجب شيء منها، ولم يجب الأخذ لمقارنة المِنَّة. إلا أن الفقهاء - ومن خلال تتبع المسائل الفقهية المتعلقة بالمِنَّة - لا يجعلون للمِنَّة أي اعتبار في الحكم الشرعي- مع وجودها صورة-؛ وذلك إما لأن المِنَّة جاءت تبعاً لا أصالةً، أو إنها يسيرة، ليس لها تأثير في الحكم.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على أفضل خلق الله، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.. يتناول هذا البحث المِنَّة مبيناً فيه تعريفها، وأنواعها، وحكم كل نوع منها، وأثرها الكبير على القواعد الأصولية والأحكام الشرعية، والحالات التي لا أثر للمنة في الحكم الشرعي. فقد عرف العلماء المنة...