لما فشل خصوم الإسلام - بعد محاولات عبثية يائسة - من النيل من الوحي المتلو المنزل من رب العالمين، كرروا المحاولة، وهذه المرة مع المنزل عليه ذلك الوحي، ظانين أن التشكيك فيه وفي سنته، هو في جوهره تشكيك في الوحي المنزل عليه. فكثرت المحاولات وتنوعت، فمنهم: المجاهر، ومنهم المسر: وخطورة النوع الثاني أشد؛ لأن الأول - وهو المجاهر - عرى عن سوء سريرته من خلال ما خطته يمينه من أبحاث ومقالات تحمل عداء للإسلام وأهله. وأما الثاني - وهو المسر - فخطورته آتية من مناقضة ظاهره لباطنه؛ إذ الباطن ينطوي على أهداف في غاية الخسة، فتراه - وهو يوهم الغير بخدمة الأصل الثاني من أصول التشريع الإسلامي - متصدياً للرواية والدراية بهدف الهدم، والتضليل، وقلب الحقائق؛ مما جعل بعض الغيورين من فقهاء المسلمين - كالأحناف مثلا - يتشددون في قبول الرواية بخبر الآحاد. والبحث الذي أقدمه اليوم بين يدي القراء الكرام، كشف عن محاولة جادة للحافظ ابن عبد البر يجيب فيها عن الإشكالين السابقين. فهو يجيب المجاهر بنصوص صحيحة، صارح القارئ في بعضها -كالتي ضمنتها المبحث الأول - بأن السنة النبوية وحي إلهي منزل، وأفهمه - تلويحاً- في بعضها الآخر بأن تلك النصوص خادمة للكتاب، إما تبياناً لمجمله، أو إزالة لخفيه. ويجيب - أيضاً - العامل في الخفاء، والساعي للهدم، بأجوبة تستهدف دحض الشبهات، وإفشال المناورات، وفي الوقت نفسه يحاول - من خلال استنباطاته من النصوص- إقناع الراد للخبر الواحد -أو المنتصر لهذا المذهب - بأن ذاك الخبر معمول به عند السلف الصالح، وأن أهميته لا تخفى على من له أدنى من مسكة عقل، إذ به تنقل الأخبار التي يفسر بها الرسول صلى الله عليه وسلم الوحي المتلو.
لما فشل خصوم الإسلام - بعد محاولات عبثية يائسة - من النيل من الوحي المتلو المنزل من رب العالمين، كرروا المحاولة، وهذه المرة مع المنزل عليه ذلك الوحي، ظانين أن التشكيك فيه وفي سنته، هو في جوهره تشكيك في الوحي المنزل عليه. فكثرت المحاولات وتنوعت، فمنهم: المجاهر، ومنهم المسر: وخطورة النوع الثاني أشد؛ ل...