الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه .. وبعد: فهذا بحث تناول دراسة قاعدة من قواعد علم أصول الفقه، وهي قاعدة (مقابلة الجمع بالجمع تقتضي مقابلة الأفراد بالأفراد). ومعنى هذه القاعدة: أن يتقابل في الكلام جمعٌ بجمعٍ فيدل ذلك التقابل اللفظي على تقابلٍ معنوي، وهو توزيع أفراد كلٍّ منهما على أفراد الآخَر. فإذا قلت: «ركبَ القومُ دوابَّهم» فإن معناه: ركب كلُّ واحد دابَّته. وهذه قاعدة صحيحة باتفاق المذاهب الأربعة وإن خالف فيها بعضهم، ويشهد لصحتها الاستعمال اللغوي والنصوص الشرعية، كقوله تعالى: جعلوا أصبعهم في ءاذانهم﴾ [نوح: 7]، أي: جعل كل واحد إصبعه في أذنه، وكقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» أي: كل عملٍ بنيته. وهذه القاعدة الأصولية قاعدة ظنية قد تتخلف في بعض المواضع لأدلة خارجية أو قرائن صارفة، وقد شرط الأصوليون للعمل بها شروطاً أهمها: إمكان انقسام الأفراد على الأفراد، وأن لا يعارضها ما هو أقوى منها، وعدم القرينة الصارفة. هذا وقد كان للقاعدة أثرٌ في الفروع الفقهية انتظم البحث منها ثمانيةَ مسائل مختارة، والله ولي التوفيق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه .. وبعد: فهذا بحث تناول دراسة قاعدة من قواعد علم أصول الفقه، وهي قاعدة (مقابلة الجمع بالجمع تقتضي مقابلة الأفراد بالأفراد). ومعنى هذه القاعدة: أن يتقابل في الكلام جمعٌ بجمعٍ فيدل ذلك التقابل اللفظي على تقابلٍ معنوي، وهو توزيع أفراد كلٍّ منهما على أ...