اجتهد العلماء الأقدمون في وضع القواعد الفقهية وصياغتها عبر تاريخ الفقه الإسلامي المجيد ، بدءاً من عصر النبي محمد ، مروراً بعصر الصحابة والتابعين والفقهاء الذين انكبوا طوال عصور التاريخ على صياغتها في بطون الكتب لضبط الفقه وتأصيله وتقنينه، فاستخدموها عند التعليل والترجيح لحفظ الفروع، والمساعدة على فهم مقاصد الشريعة الإسلامية، ومناهج الفتوى، والاطلاع على الفقه بروحه ومضمونه بأيسر طريق لغير المتخصصين في الشريعة الإسلامية. ويسعى الفقهاء - اليوم - لإتمام ما فعله الأولون بصناعة الأعمال الموسوعية للقواعد الفقهية على المذاهب الثمانية، بهدف الإحاطة بهذه القواعد ، وتكملة لمسيرة التطور في القواعد الفقهية لتستوعب ما يشهده العالم المعاصر من متغيرات. ولما كان البحث يهدف إلى التركيز على أهمية القواعد الفقهية في عملية التأصيل الفقهي، والعمل على أن تكشف وتساهم في بيان الاتفاق والاختلاف في المسائل الشرعية ، تبعاً لتعدد المذاهب الفقهية، وتبيان مرونة الشريعة الإسلامية وقابليتها للتطور تبعاً لمرونة القواعد الفقهية المستنبطة، وإظهار مكانة هذه القواعد ومدى تأثيرها في ميدان التشريع الوضعي، فإن أهم ما توصل إليه البحث هو تحديد ماهية القاعدة الفقهية ومفهومها، والمصطلحات المرتبطة بها، وبيان موضوعها وأهميتها في ضبط الفقه الإسلامي، وعرض آثارها عند المجتهد والمفتي والقاضي والفقيه ورجل القانون، وإبراز أنواعها وخصوصاً تطورها عبر العصور، من قواعد متناثرة إلى قوانين موسوعية مع ذكر المصادر الأصلية التي يمكن الرجوع إليها، وضرورة إعداد معلمة قواعد فقهية تواكب العصر وتطور المسائل والأحداث فيه، ولزوم التركيز على إبراز هذه المعلمة لما فيها من أهمية كبيرة في مواجهة فقه التوازن وتبدل لغة الحياة، وضرورة تدريس هذه القواعد في المعاهد والجامعات التي تعنى بالفكر الإسلامي بعامة، والتشريع والفقه بخاصة. كل ذلك بهدف مواكبة مسيرة الحياة المعاصرة ومتطلباتها في شتى الميادين، وإيجاد الحلول الناجعة عند المجتهدين والمفتين للمسائل المستحدثة في فقه النوازل بالأسلوب الذي يكون مفهومهاً لدى معظم الدارسين، وهذه المعاصرة من صميم قواعد الفقه الإسلامي. لقد آن للفقه الإسلامي أن يتبوأ مكانته عالياً عبر قواعده ليصبح مصدراً من مصادر القانون الدولي إذا ترجمت هذه القواعد إلى اللغتين الفرنسية والإنكليزية وغيرها من اللغات الإنسانية ، حيث تفيد القانونيين الدوليين وقضاة محكمة العدل الدولية.
اجتهد العلماء الأقدمون في وضع القواعد الفقهية وصياغتها عبر تاريخ الفقه الإسلامي المجيد ، بدءاً من عصر النبي محمد ، مروراً بعصر الصحابة والتابعين والفقهاء الذين انكبوا طوال عصور التاريخ على صياغتها في بطون الكتب لضبط الفقه وتأصيله وتقنينه، فاستخدموها عند التعليل والترجيح لحفظ الفروع، والمساعدة على ...