العقيدة الإيمانية هي أول ما يطلب من المؤمن وعليها ينبني الدين وهي أول الأمر وآخره، وهي أساس العمل، وكل ما سواها من الأعمال مبني عليها وتابع لها ولذلك فإن صلاح الأعمال رهين بحسن الاعتقاد. وقد اهتم المنهج القرآني اهتماماً بالغاً بإصلاح العقيدة وترسيخ جذورها وتحريرها من زيف الجمود، وتطهيرها من الأوهام والشبهات، ليجعل من العقيدة الصحيحة القوية انطلاقة لإصلاح كل مناحي الحياة، فالعقيدة الصحيحة هي التي تقدم للإنسان التفسير الصحيح الشامل للوجود الكوني والإنساني والانحراف في العقيدة ينشأ عنه انحراف في العبادات والعادات ويترتب على ذلك فساد في السلوك الاجتماعي. والعقيدة الصحيحة لا تتغير ولا تتبدل باختلاف الأنبياء والرسل، فالأصول الإيمانية واحدة في جميع الأديان السماوية. قال تعالى: ] شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [( ) . واليهودية ديانة سماوية صحيحة جاءت بالتوحيد الخالص على يد نبي الله موسى u ، ولكن القوم قد بحثوا في عقائدهم بعقولهم فضلوا وانحرفوا عن الطريق المستقيم، والسبب راجع في أنهم لم يعتمدوا في كلامهم على وحي الله السليم، فقد حرفوا التوراة وبدلوا فيها حسب هواهم، قال تعالى: ] فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ [( ) . وقد أخذ التحريف في التوراة مظهرين: الأول: تحريف لفظي ويكون بأحد ثلاثة وجوه: بالتبديل أو بالزيادة أو بالنقصان. الثاني: تحريف معنوي وذلك بتغيير مدلولات الألفاظ وترجمتها إلى ما يوافق هواهم. قال تعالى: ] فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [( ) . إن اليهودية لا تصلح لإعطاء أي راغب في معرفة العقيدة الصحيحة وأصول الإيمان السليمة، لذا لم يبق إلا الإسلام فهو وحده القادر على العطاء الدائم من أصول ثابتة لا أباطيل فيها ولا تحريف وهو كفيل بأن يحقق للإنسان ما ينشده من ارتقاء وما يرجوه من كمال ورفعة، قال تعالى: ] قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [( )
العقيدة الإيمانية هي أول ما يطلب من المؤمن وعليها ينبني الدين وهي أول الأمر وآخره، وهي أساس العمل، وكل ما سواها من الأعمال مبني عليها وتابع لها ولذلك فإن صلاح الأعمال رهين بحسن الاعتقاد. وقد اهتم المنهج القرآني اهتماماً بالغاً بإصلاح العقيدة وترسيخ جذورها وتحريرها من زيف الجمود، وتطهيرها من الأوهام ...