تتناول هذه الدراسة أحد مظاهر الخلل المنهجي المستشري في التعاطي المعرفي الحديث، وهو المظهر المتمثل في «الاستيراد الثقافي العشوائي»، وذلك من خلال السعي إلى استيراد منتجات ثقافية من حضارات أخرى لا لأن ثمة حاجة موضوعية تستلزم ذلك الاستيراد، بل لأن ذلك المنتج المستورد حقق نجاحا في سياق حضاري مختلف، فكان من المتعين أن نستورده بذريعة ذلك النجاح حتى وإن لم تكن بنا حاجة له، بل حتى لو كان وجوده سيزيد البلاء بلاء. وتتناول هذه الورقة محاولة توظيف منهج الفيلسوف الهولندي (باروخ سبينوزا) في السياق الإسلامي باعتبارها من أبرز الأمثلة على الاستيراد الثقافي العشوائي، فقد أضحى سبينوزا مرجعا أساسيا لدى بعض من يسمون الحداثيين العرب في المقاربات الفلسفية للموضوعات الدينية عموما، وللعلاقة بين الدين والسياسة على وجه الخصوص إذ يعزى إلى سبينوزا الأبوية الروحية لفكرة فصل الدين عن الدولة، وأنه أول من أوجد تنظيرا فلسفيا متكاملا لفكرة فصل الدين عن السياسة.
تتناول هذه الدراسة أحد مظاهر الخلل المنهجي المستشري في التعاطي المعرفي الحديث، وهو المظهر المتمثل في «الاستيراد الثقافي العشوائي»، وذلك من خلال السعي إلى استيراد منتجات ثقافية من حضارات أخرى لا لأن ثمة حاجة موضوعية تستلزم ذلك الاستيراد، بل لأن ذلك المنتج المستورد حقق نجاحا في سياق حضاري مختلف، فكان ...